في كثير من المؤسسات، تتردد على مسامعنا مصطلحات مثل "السياسات والإجراءات"، وغالباً ما تُستخدم بطريقة غير دقيقة، حيث تُعامل السياسات كأنها مجرد تعليمات مكتوبة أو لوائح داخلية، بينما الحقيقة أن السياسات تمثل الإطار الاستراتيجي الذي يحكم اتخاذ القرار داخل أي مؤسسة، ويحدد الهوية السلوكية والتنظيمية لها.

ويؤدي غياب السياسات والإجراءات الواضحة أو ضعفها غالباً إلى عشوائية في الإدارة، وتضارب في القرارات، وضبابية في الصلاحيات، وهذا ما يجعل من السياسات والإجراءات ركيزة لا غنى عنها لأي بيئة عمل تسعى نحو النضج الإداري.

 

لماذا تُعد السياسات والإجراءات أكثر من مجرد وثائق؟

تعد السياسات والإجراءات أكثر من مجرد وثائق لعدة أسباب هي:

  1. الإطار التنظيمي للقرارات

تلعب السياسات والإجراءات دوراً جوهرياً في توجيه عملية اتخاذ القرار، إذ توفر المرجعية التي يمكن العودة إليها عند مواجهة مواقف غير مسبوقة أو أزمات تحتاج إلى حسم إداري، عندما تكون السياسات مكتوبة ومعلنة، تقل مساحة الاجتهاد الفردي، وتتقلص احتمالات التضارب في التوجيهات.

  1. تعزيز العدالة والشفافية

من خلال وجود السياسات والإجراءات الواضحة، يمكن للمؤسسة أن تضمن معاملة عادلة لكل الموظفين، وتُخضع القرارات لضوابط محددة، مما يعزز الشفافية والرضا الوظيفي، ويقلل من حالات التظلم أو الإحباط الناتج عن قرارات ارتجالية.

  1. إدارة المخاطر والامتثال

تلعب السياسات والإجراءات دوراً مهماً في الوقاية من المخاطر، وضمان الامتثال للقوانين والأنظمة، لا سيما في المؤسسات الخاضعة لرقابة قانونية أو تنظيمية. فهي تمثل حاجزاً استباقياً ضد الانزلاقات الإدارية أو القانونية.

 

ماذا يحدث حين تغيب السياسات أو تُدار بشكل غير علمي؟

عند غياب السياسات والإجراءات أو سوء تصميمها، تبدأ المؤسسة في خلق حلول وقتية لكل موقف، ويتحول العمل إلى سلسلة من ردود الفعل المتسرعة، هذا الأسلوب لا يُمكن التنبؤ بمخرجاته، ويُعرض المؤسسة لهدر في الوقت والموارد، وتآكل تدريجي في الانضباط المؤسسي، والأسوأ من ذلك أن بعض المؤسسات تلجأ إلى نسخ سياسات جاهزة دون تكييفها مع واقعها، مما يجعلها بلا قيمة تطبيقية.

ومن أهم مقومات صياغة سياسات فعالة ما يلي:

  • الواقعية في البناء

لا بد أن تُبنى السياسات على فهم دقيق لواقع المؤسسة: أهدافها، وقدراتها، وتحدياتها، وطبيعة فريق العمل فيها، فاعتماد نماذج جاهزة دون تكييف، يجعل السياسة نصاً غير عملي.

  • مشاركة الأطراف المعنية

لكي تكون السياسات والإجراءات قابلة للتطبيق، يجب إشراك أصحاب العلاقة (كالمدراء التنفيذيين، وفرق العمليات، والموارد البشرية، وغيرها) في مراحل الصياغة، لضمان تكامل وجهات النظر.

ج. قابلية التحديث

يتغير العالم بسرعة، لذلك يجب أن تُصاغ السياسات والإجراءات بطريقة تُمكن المؤسسة من تحديثها دون أن تُحدث فوضى تنظيمية، وهنا تبرز أهمية الأدوات الرقمية مثل DocSuite Policies التي تسهّل إدارة السياسات إلكترونياً وربطها بإجراءات العمل المتغيرة.

 

أدوات رقمية لدعم صياغة السياسات والإجراءات

مع تطور الأنظمة المؤسسية، لم تعد صياغة السياسات والإجراءات تتم عبر ملفات Word أو Excel، بل ظهرت أنظمة متخصصة مثل DocSuite Policies، التي تُعد بيئة ذكية لإعداد السياسات، ربطها بالإجراءات، توزيعها على الإدارات، وتحديثها بشكل مركزي دون الحاجة إلى إرسال نسخ ورقية أو بريدية.

ماذا يقدم DocSuite في هذا الجانب؟

  • قوالب جاهزة لبناء السياسات بحسب معايير الحوكمة العالمية.
  • ربط مباشر بين السياسات والإجراءات التنفيذية لكل إدارة.
  • تنبيهات آلية بالتحديثات والتعديلات اللازمة دورياً.
  • إثبات الالتزام من الموظفين من خلال التوقيع الإلكتروني أو التحقق من الاطلاع.

 

الفوائد المتحققة عند وجود سياسات تنظيمية مكتوبة ومدارة رقمياً

يوجد عدة فوائد محققة من وجود السياسات والإجراءات التنظيمية وهي:

  1. تسهيل التوجيه الإداري اليومي

وجود السياسات يجعل كل موظف على علم بما هو مطلوب منه، ويحد من الاعتماد المفرط على التوجيه الشفهي، مما يرفع كفاءة الوقت ووضوح المهام.

  1. تحقيق التماسك التنظيمي

عندما تستند جميع الإدارات إلى ذات المنهج في اتخاذ القرارات، تتقارب التوجهات، ويقل التباين في جودة القرارات والمخرجات.

  1. دعم ثقافة المؤسسية

السياسات المكتوبة والمدارة جيداً تعزز من ثقافة النظام، وتقلل من الشخصنة أو المزاجية في الإدارة، وهذا من أهم مؤشرات الاحتراف المؤسسي.

قد لا تكون السياسات والإجراءات من المواضيع المثيرة للاهتمام بالنسبة للعديد من فرق العمل، لكنها تشكل العمود الفقري لكل مؤسسة تسعى للنجاح المستدام، ومن خلال التخطيط العلمي لصياغة السياسات والإجراءات، واستخدام أدوات ذكية مثل DocSuite Policies، تستطيع المؤسسات أن تضع لنفسها خريطة طريق واضحة، تتجاوز بها فوضى الإجراءات، وتضمن تطبيقاً متسقاً وعادلاً لكافة المهام والمسؤوليات.

فالسياسات ليست أوراقاً للتوثيق فقط، بل هي تعبير عن هوية المؤسسة ومنهجها في العمل.

 

الفرق بين السياسات والإجراءات

كثير من المؤسسات تخلط بين السياسات والإجراءات، فتستخدم المصطلحين وكأنهما وجهان لعملة واحدة، لكن الحقيقة أن هناك فرقاً جوهرياً بينهما يجب فهمه بدقة لضمان نجاح المنظومة الإدارية، فالسياسات هي القواعد العامة التي تحدد ماذا يجب أن نفعل؟ بينما الإجراءات هي الخطوات التفصيلية التي تجيب عن كيف نفعل ذلك؟.

أمثلة توضيحية:

في سياسة الموارد البشرية، قد تنص السياسة على أنه "يجب تقييم الموظفين سنويًا"، بينما تتضمن الإجراءات تحديد النموذج المستخدم للتقييم، المواعيد الزمنية، ومسؤوليات كل طرف.

في سياسة أمن المعلومات، تنص السياسة على "ضرورة حماية البيانات الحساسة"، بينما تصف الإجراءات الخطوات المتبعة مثل تشفير البيانات، كلمات المرور، وآليات النسخ الاحتياطي.

وبالتالي، تعتبر السياسات هي "الإطار الحاكم"، أما الإجراءات فهي "أدلة التشغيل"، قد تزداد أهمية وجود هذا الفصل مع توسع المؤسسة وزيادة العمليات، مما يجعل من الضروري أن تتم صياغة السياسات بمرونة، بينما تُكتب الإجراءات بتفصيل.

هنا تتجلى أهمية أنظمة مثل DocSuite Policies التي تُمكن المؤسسات من إدارة السياسات والإجراءات بشكل مترابط لكن مستقل، ما يتيح تطوير كل منهما دون أن يتسبب ذلك في اضطراب للآخر، ويمنح المؤسسة القدرة على التطوير المستمر دون الإضرار بالبنية التنظيمية الأساسية.

 

مراحل إعداد السياسات المؤسسية

صياغة السياسات ليست عملية عشوائية أو عملًا منفردًا يمكن حصره في كتابة مستند، بل هي مشروع إداري يتطلب تخطيطًا ومشاركة وتدقيقاً مستمراً، وفيما يلي الخطوات العملية التي تمر بها السياسات داخل أي مؤسسة ذات نضج إداري:

  1. تحليل البيئة المؤسسية

قبل الشروع في كتابة السياسات، يجب أولاً دراسة الواقع التنظيمي الحالي، وتحديد الفجوات، والتحديات، وتكرار الأخطاء الإدارية، هذا التحليل يساعد على فهم لماذا نحتاج إلى سياسة معينة دون أخرى.

  1. تحديد الأهداف

كل سياسة يجب أن يكون لها هدف واضح ومحدد، سواء كان ضمان الامتثال التنظيمي، أو تحسين جودة الخدمة، أو تعزيز الإنتاجية، وغيرها، وضوح الهدف يسهل لاحقاً قياس فاعلية تطبيق السياسة.

  1. تكوين فريق العمل متعدد التخصصات

من الخطأ أن تُكتب السياسات في غرف مغلقة بواسطة فرد واحد أو جهة دون مشاركة المعنيين بها، الأفضل أن يُشكل فريق متنوع من ذوي العلاقة لتقديم وجهات نظر متكاملة.

  1. الصياغة الأولية والمراجعة

تتم صياغة نص السياسة بلغة إدارية واضحة، بعيدة عن الغموض أو التعقيد، ثم تُعرض المسودة على فرق العمل للمراجعة، وربما التعديل، قبل اعتمادها الرسمي.

  1. اعتماد السياسة وتوزيعها

يتم اعتماد السياسة من الإدارة العليا، ثم تُعمم على الإدارات المختلفة، ويفضّل استخدام أدوات رقمية مثل DocSuite Policies لضمان إيصال السياسة بشكل موثق وتفاعلي للموظفين.

  1. التحديث الدوري والتقييم

السياسات ليست نصوصاً ثابتة للأبد، يجب مراجعتها دورياً، خاصة عند حدوث تغييرات تنظيمية أو تشريعية، أو عند ظهور تحديات لم تكن متوقعة.

 

العلاقة بين السياسات والحوكمة

الحوكمة المؤسسية هي الإطار العام الذي يضمن أن تعمل المؤسسة بشفافية، وكفاءة، وعدالة، وفي قلب هذا الإطار، تقف السياسات كعنصر أساسي يربط بين الرؤية العليا للإدارة وبين التنفيذ اليومي للعمليات.

أوجه العلاقة:

تعبر السياسات عن ممارسات الحوكمة على المستوى العملي، فهي تسهل تطبيق المبادئ الكبرى مثل المساءلة، النزاهة، والكفاءة.

غياب السياسات يؤدي إلى ضعف الحوكمة، حيث تفتقر المؤسسة إلى أدوات واضحة لضبط السلوك الإداري وضمان التوافق مع الأهداف الكبرى.

الرقابة المؤسسية الفعالة تبدأ من وجود سياسات واضحة تُمكن لجان التدقيق، الحوكمة، أو الامتثال من مراقبة الأداء.

ومن هنا، فإن تطبيق منصة متكاملة مثل DocSuite Policies لا يساهم فقط في توثيق السياسات والإجراءات، بل يدعم مباشرة جهود الحوكمة عبر الرقابة الفعلية، وإثبات الامتثال، وسهولة الوصول إلى الأدلة الإدارية عند الحاجة.