كتاب: الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات

تأليف: عبدالله عوض الكريم حاج أحمد، ولمياء محمد عثمان علي

 

يسلط كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات الضوء على أحد أهم الاتجاهات الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات، والتي تُحدث تحولاً جذرياً في طريقة تقديم الخدمات داخل المكتبات، خاصة الجامعية منها.

تُعد الحوسبة السحابية بديلاً مبتكرًا للبنية التحتية التقليدية، حيث تقدم البرمجيات، والتخزين، والمعالجة كخدمات عبر الإنترنت، مما يُمكِّن المكتبات من الوصول إلى إمكانيات متقدمة دون الحاجة إلى موارد محلية مكلفة.

إن الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات لا تتوقف عند مجرد إدخال تكنولوجيا جديدة، بل تتعداها إلى إعادة تعريف الدور الذي تلعبه المكتبات في بيئة رقمية متغيرة.

تهدف الدراسة إلى تحليل الفوائد والتحديات المحتملة المرتبطة بتبني هذه التقنية، وتقديم نماذج عملية يمكن تطبيقها في البيئات الأكاديمية والمعلوماتية، خاصة في السودان.

 

مفهوم الحوسبة السحابية كما ورد في الدراسة

يُعرِّف الكتاب الحوسبة السحابية على أنها نموذج لتقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات مثل التخزين والمعالجة وتطبيقات البرمجيات من خلال الإنترنت، مما يُعفي المستخدم من الحاجة لاقتناء أجهزة وبرامج محلية، ويستند هذا المفهوم إلى استخدام خوادم بعيدة تتحكم فيها مؤسسات متخصصة، وتُقدَّم الخدمات بشكل مرن وقابل للتوسع وفق الحاجة.

يُلاحظ أن التقنية في الحوسبة السحابية لا تقتصر على نوع واحد، بل تشمل نماذج متعددة للخدمات (مثل: SaaS، وPaaS، وIaaS) وأنواع مختلفة من البنى (مثل السحابة العامة، والخاصة، والمجتمعية، والهجينة)، هذا التنوع يُعطي مرونة كبيرة في تطبيق هذه التكنولوجيا بحسب حاجات المكتبات وقدراتها.

 

فوائد تطبيق الحوسبة السحابية في المكتبات

تناول كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات الفوائد الجمة التي تجنيها المكتبات من تبني هذه التقنية، أولى هذه الفوائد هي خفض التكاليف التشغيلية، حيث يُمكن للمكتبات الاستفادة من البرمجيات والتخزين دون الحاجة إلى شراء خوادم أو برامج مكلفة.

كما أن الحوسبة السحابية تُوفر إمكانية الوصول إلى البيانات من أي مكان وفي أي وقت، مما يعزز من فعالية خدمات المعلومات للمستفيدين.

من خلال تحليل النماذج المقدمة في الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات، نجد أن المكتبات التي استخدمت أنظمة مفتوحة المصدر على الخوادم السحابية مثل KOHA وDSpace، استطاعت أن تُحدث تحولاً حقيقياً في طريقة تقديم خدماتها، حيث أصبحت أكثر مرونة، وسهولة في المشاركة، والتكامل مع قواعد بيانات أخرى، كما أن هذه الأنظمة تتيح بيئة أكثر استدامة وملاءمة للموارد، مما يدعم توجه المكتبات نحو التحول الرقمي الكامل.

 

التحديات التي تواجه تطبيق الحوسبة السحابية

لم يغفل كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات التحديات الجوهرية التي قد تعرقل استخدام هذه التقنية، أبرز هذه التحديات هي المخاوف المرتبطة بأمن البيانات وسريتها، خاصة أن المعلومات تُخزن خارج نطاق سيطرة المكتبة، كما أن اعتماد المكتبات على شبكة إنترنت قوية يُعد ضرورة حيوية، وهو أمر قد لا يتوفر بشكل متساوٍ في كل المناطق.

كذلك، يشير كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات إلى تحديات أخرى مثل قلة الكوادر المؤهلة في التعامل مع هذه الأنظمة، وصعوبة التكيف مع التغيرات السريعة في بيئة التقنية، بالإضافة إلى التحديات القانونية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، لهذا شدد المؤلفان على أهمية إجراء دراسات تفصيلية عن البيئة التشريعية والبنية التحتية اللازمة قبل الشروع في التطبيق الفعلي.

 

نماذج تطبيقية من الواقع السوداني

قدم كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات نموذجًا عمليًا لتطبيق الحوسبة السحابية من خلال تجربة "شبكة البحث العلمي والتعليم السودانية" (SudREN)، والتي تُعد من أبرز المبادرات الناجحة في هذا المجال، حيث تمكنت الشبكة من ربط مؤسسات التعليم والبحث العلمي في السودان بشبكة واحدة تستخدم تقنيات الحوسبة السحابية في تقديم خدمات المكتبات الرقمية والمستودعات المؤسسية.

وفقاً لما ورد في كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات، فإن هذه الشبكة قدمت خدمات متكاملة باستخدام برمجيات مفتوحة المصدر كخدمة (SaaS)، إلى جانب توفير بنية تحتية كخدمة (IaaS)، مما مكّن الجامعات الأعضاء من تطوير أنظمتها المكتبية وربط فهارسها ضمن قاعدة بيانات موحدة، تُسهم في تسهيل الاسترجاع والبحث والوصول إلى مصادر متعددة.

 

التوصيات المستقبلية للدراسة

اختتم مؤلفا كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات دراستهما بعدد من التوصيات الجوهرية، أبرزها ضرورة الإسراع في تبني هذه التقنية في المكتبات العربية، مع التركيز على استخدام البرمجيات مفتوحة المصدر، وتفعيل مبادرات مثل "السحابة العربية"، كما أوصيا بضرورة إجراء مزيد من البحوث حول الجوانب الأمنية والتنظيمية لهذه التقنية.

وأكد كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات على أهمية الاستثمار في بناء القدرات المحلية وتدريب الموظفين على استخدام أدوات الحوسبة السحابية، إلى جانب دعم السياسات الوطنية في تطوير البنية الرقمية للقطاع المعلوماتي، وتنبّه إلى أن مستقبل المكتبات سيكون أكثر ارتباطًا بالحوسبة السحابية، وأن من لا يواكب هذا التحول قد يُصبح خارج إطار المنافسة المعلوماتية قريبًا.

يمثل كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات مرجعًا علميًا غنيًا ومتميزًا في الربط بين النظرية والتطبيق داخل بيئة المكتبات، وخاصة في العالم العربي، ومن خلال عرضه لمفهوم الحوسبة السحابية، واستعراضه للنماذج العالمية والمحلية، فإن الكتاب يُعد دليلاً عمليًا لصنّاع القرار والمكتبيين الراغبين في تحديث مؤسساتهم المعلوماتية.

يمكنك تحميل كتاب الإفادة من تطبيقات الحوسبة السحابية في مجال المكتبات مباشرةً من هنا.