كتاب أساسيات الأرشفة الإلكترونية
المؤلف: زكريا عبد الكريم أسعد
لقد أحدثت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تغييرًا جذريًا في أساليب حفظ المعلومات، مما أدى إلى نهاية عهد الأرشيف التقليدي، وبروز أهمية أساسيات الأرشفة الإلكترونية كعلم حديث يُعنى بتحويل الوثائق الورقية إلى إلكترونية يسهل استرجاعها، إدارتها، وتأمينها، ولا يقتصر دور الأرشفة الإلكترونية على الحفظ فقط، بل يُعدّ أحد الأعمدة الرئيسية لاتخاذ القرار في المؤسسات الحديثة.
أساسيات الأرشفة الإلكترونية لم تعد خيارًا بل ضرورة، خصوصاً في المؤسسات الحكومية والخاصة التي تتعامل مع كميات ضخمة من الوثائق، فهي تُمكن من حفظ البيانات بشكل آمن، مع إمكانية استرجاعها بسرعة فائقة من خلال الأنظمة الرقمية الذكية.
مفهوم الأرشيف الإلكتروني وأهميته
يُعرّف الأرشيف الإلكتروني بأنه بنك للوثائق والمعلومات المحفوظة رقمياً، ويقوم على تحويل المستندات الورقية بجميع أنواعها إلى مستندات إلكترونية، وتكمن أهمية أساسيات الأرشفة الإلكترونية في قدرتها على تسريع وتسهيل عمليات الاسترجاع، وتقليل الاعتماد على الأوراق، وتحقيق الكفاءة في الأداء المؤسسي.
الأرشيف الإلكتروني لا يقتصر على تخزين ملفات Word وPDF، بل يشمل البريد الإلكتروني، والصور، والفيديوهات، والأفلام المصغرة، والخرائط، ما يجعله متكاملاً ويغني عن الأرشيف التقليدي، ويتيح أساسيات الأرشفة الإلكترونية التحكم الكامل في الوثائق من لحظة إنشائها وحتى اتخاذ القرار النهائي بشأن حفظها أو إتلافها.
آليات تطبيق الأرشفة الإلكترونية
إن تطبيق أساسيات الأرشفة يتطلب المرور بمراحل محددة تبدأ بالتخطيط، ثم المسح والتحليل، يليها الفهرسة، ثم التصوير الضوئي، وأخيراً الإدخال في قاعدة البيانات، وتشمل هذه الآليات الخطوات التالية:
تحديد نوع الوثائق: معرفة الأشكال، والأحجام، والألوان لتصنيفها.
التجهيز المادي: مثل أجهزة المسح الضوئي، والحواسيب، والبرمجيات الملائمة.
الفهرسة: باستخدام رموز تعريفية تسهّل الاسترجاع السريع.
التحويل الرقمي: وهو قلب العملية في أساسيات الأرشفة الإلكترونية، حيث تتحول الوثائق إلى صيغ رقمية محمية وقابلة للبحث والاسترجاع.
ولعل أبرز ما يميز الأرشفة الإلكترونية هو الاعتماد على تقنيات OCR (التعرف البصري على الحروف) لتحويل الصور إلى نصوص يمكن التعامل معها برمجياً، مما يقلل التكاليف التشغيلية ويرفع من كفاءة العمل المؤسسي.
الميتاداتا والترميز كعنصرين أساسيين
تعد الميتاداتا (Metadata) من الركائز الأساسية في الأرشفة الإلكترونية، فهي تصف البيانات وتمنح كل وثيقة هوية فريدة، تنقسم الميتاداتا إلى ثلاثة أنواع:
الوصفية: تساعد في إيجاد الوثائق من خلال الفهارس والعناوين.
الإدارية: تحدد حقوق الاستخدام، وتوثّق ملكية المعلومات.
الهيكلية: تُعنى بتنظيم العلاقة بين الوثائق الرقمية داخل النظام.
أما الترميز (Coding)، فيُستخدم لمنح كل وثيقة أو عنصر رقماً أو رمزاً فريداً يسهل من خلاله تتبعها واسترجاعها بدقة، ويُعد الترميز أحد المفاتيح التقنية التي تعتمد عليها الأرشفة الإلكترونية في تنظيم المحتوى المؤسسي.
أنواع التصنيف في الأرشفة
يعتمد نظام أساسيات الأرشفة الإلكترونية على عدة طرق لتصنيف الوثائق، منها:
حسب الموضوع: حيث يتم جمع كل المستندات المتعلقة بموضوع معين في ملف واحد.
حسب المكان الجغرافي: تجمع الوثائق حسب الدولة أو المدينة.
حسب الرقم أو التاريخ: لتسهيل الفهرسة الزمنية أو الرقمية.
كل طريقة من هذه الطرق تُطبّق بحسب حاجة المؤسسة، وتتماشى مع الهدف النهائي للأرشفة: استرجاع الوثيقة المطلوبة بأقل جهد ممكن.
مراحل تنفيذ الأرشفة الإلكترونية
لتطبيق أساسيات الأرشفة الإلكترونية بطريقة منهجية، يجب اتباع المراحل التالية:
مرحلة التحضير والتدقيق: تنظيف الوثائق، إزالة الدبابيس، وتصنيفها.
مرحلة التصوير الضوئي: استخدام أجهزة الماسح الضوئي لتحويل الوثائق إلى صيغ رقمية.
مرحلة الفهرسة الإلكترونية: ربط كل وثيقة ببياناتها الوصفية.
مرحلة التخزين: تخزين الوثائق بصيغة PDF أو XML وفق نظام مؤسسي آمن.
توفر أساسيات الأرشفة الإلكترونية أنظمة حديثة تدعم عمليات التوقيع الرقمي، والمراجعة، والنشر، وحماية البيانات من التلاعب أو الضياع.
التحديات التي تواجه الأرشفة الإلكترونية
رغم أهمية أساسيات الأرشفة الإلكترونية، إلا أن هناك عدة تحديات تواجه المؤسسات، أبرزها:
- ضعف البنية التحتية التكنولوجية.
- قلة الكوادر المؤهلة في مجال الأرشفة الرقمية.
- مقاومة التغيير من قبل بعض الإدارات التقليدية.
- ضعف الوعي الأمني فيما يتعلق بحماية المعلومات الرقمية.
تتطلب مواجهة هذه التحديات استراتيجيات تدريبية وتطويرية، بالإضافة إلى الاستثمار في الأنظمة الذكية المتكاملة.
فوائد الأرشفة الإلكترونية
من أهم فوائد أساسيات الأرشفة الإلكترونية:
توفير المساحات المكتبية.
السرعة في الوصول إلى الوثائق.
تقليل التكاليف التشغيلية.
رفع مستوى الأمان الرقمي.
دعم اتخاذ القرار بناءً على بيانات دقيقة وحديثة.
كما توفر أساسيات الأرشفة الإلكترونية أدوات بحث قوية، تدعم استرجاع الوثائق بكلمة مفتاحية أو رقم أو تاريخ، مما يرفع من كفاءة العمل المؤسسي.
أنظمة وبرامج داعمة
استعرض الكتاب عدة أمثلة على برامج متخصصة في أساسيات الأرشفة الإلكترونية مثل:
EDOX: نظام متكامل للمنظمات الصغيرة والمتوسطة.
DocuWare: حل عالمي لحفظ وأرشفة الوثائق إلكترونياً.
SAVE Library System: يتيح أرشفة المستندات والصور والرسومات بسهولة.
توفر هذه الأنظمة حلولاً مرنة وقابلة للتكامل مع أنظمة أخرى، كما أنها تدعم اللغة العربية وتُعد مناسبة للبيئة الإدارية في العالم العربي.
التحول من الورقي إلى الإلكتروني
يناقش الكتاب 4 أساليب للتحول إلى أساسيات الأرشفة الإلكترونية:
التحويل المباشر: التوقف عن النظام الورقي واستخدام الإلكتروني فوراً.
التحويل المرحلي: تفعيل الأجزاء تدريجياً.
التحويل المتوازي: تشغيل النظامين معاً لحين التأكد من كفاءة الإلكتروني.
التحويل التجريبي: تجربة النظام في قسم صغير قبل التعميم.
ويرى المؤلف أن أنسب خيار هو الدمج بين التحويل المباشر والمتوازي، لتفادي تعطل العمليات في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
إن أساسيات الأرشفة الإلكترونية لم تعد ترفاً إدارياً بل أصبحت ضرورة استراتيجية تمليها مقتضيات العصر الرقمي، وتمثل القاعدة الأساسية التي تعتمد عليها المؤسسات الحديثة في حفظ وإدارة معلوماتها، ومن خلال اتباع المبادئ والأسس المذكورة في الكتاب، تستطيع أي مؤسسة الانتقال من الفوضى الورقية إلى النظام الرقمي المؤسسي باحترافية وكفاءة.
يمكنك تحميل كتاب أساسيات الأرشفة الإلكترونية مباشرةً من هنا.
التعليقات
إضافة تعليق جديد