في ظل التوجهات الحديثة نحو تحسين إدارة المنظمات، أصبح نظام HCM والحوكمة المؤسسية من المفاهيم الجوهرية التي تسهم في تنظيم الأعمال وتحقيق أهداف الشركات، لذا سنتناول في هذا المقال كيف يمكن لنظام HCM أن يلعب دوراً مهماً في تطوير وتعزيز الحوكمة المؤسسية في المنظمات.

 

ما هو مفهوم نظام HCM

نظام HCM هو نظام إدارة رأس المال البشري، والذي يهدف إلى تحسين إدارة القوى العاملة داخل المنظمة من خلال أتمتة العمليات المتعلقة بالموارد البشرية، ويتعامل مع مجموعة واسعة من الأنشطة المتعلقة بالموظفين، بدءًا من التوظيف، مرورًا بإدارة الأداء، وصولًا إلى تطوير المواهب وإدارة الرواتب والمزايا

نظام HCM اختصار يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية هي:

  1. H – Human (البشر)

الحرف الأول من الاختصار "H" يشير إلى البشر أو الموارد البشرية، في سياق أنظمة HCM، يشير إلى الأشخاص الذين يشكلون القوى العاملة في المنظمة.

  1. C – Capital (رأس المال)

يشير الحرف الثاني "C" إلى رأس المال، لكن في هذه الحالة لا يقصد به المال أو الأصول المادية، بل رأس المال البشري. يشير هذا إلى قيمة الموظفين كأصول حيوية للمنظمة.

  1. M – Management (الإدارة)

يشير الحرف الأخير "M" إلى الإدارة، وتعني الطريقة التي تتم بها إدارة الموارد البشرية، يتضمن ذلك تطبيق استراتيجيات وأدوات إدارية لإدارة رأس المال البشري بفعالية.

في المجمل، نظام HCM هو نظام متكامل لإدارة رأس المال البشري من خلال مجموعة من العمليات والأنشطة التي تهدف إلى تحقيق التميز في إدارة الأفراد، من خلال أتمتة وتبسيط الإجراءات المتنوعة مثل التوظيف، والتدريب، وإدارة الأداء، وإدارة الرواتب، يساعد HCM المنظمات على استخدام رأس المال البشري بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق أهداف العمل.

ما هو مفهوم نظام HCM

إحصائيات هامة حول الحوكمة المؤسسية

تعكس العديد من الدراسات تأثير الحوكمة الجيدة على أداء المؤسسات، على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجراها "معهد الحوكمة العالمية" أن الشركات التي تطبق سياسات حوكمة قوية تحقق معدل نمو أعلى بنسبة 15% مقارنة بالشركات التي تعاني من ضعف الحوكمة.

كما كشفت دراسة أخرى من "مؤسسة التمويل الدولية" أن أكثر من 70% من الشركات التي تمتلك آليات حوكمة فاعلة تتمتع بمستوى عالٍ من الشفافية والمسائلة،  هذه الإحصائيات توضح بشكل جلي أهمية تطبيق نظم وأدوات مثل نظام HCM الذي تدعم هذه العمليات وتساهم في تحسين آليات الحوكمة المؤسسية.

 

تطور نظام HCM ودوره في تحسين الحوكمة

نظام HCM أو نظام إدارة الموارد البشرية هو نظام متكامل يسهم في إدارة كل ما يتعلق بالموارد البشرية بدءًا من التوظيف، مرورًا بتطوير الأداء، وصولاً إلى تقييم الموظفين وتنظيم المهام.

تطور نظام HCM بشكل كبير في الآونة الأخيرة ليشمل وظائف أكثر تعقيدًا، مثل تتبع الأداء، وإعداد التقارير المتقدمة، والتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، يساهم هذا التطور في تحقيق مستويات أعلى من الشفافية والكفاءة داخل المنظمات، مما يعزز الحوكمة المؤسسية من خلال:

التوزيع العادل للمسؤوليات: يسمح نظام HCM بتحديد الأدوار بشكل دقيق من خلال الأدوات المتاحة، مما يساهم في تقليل التداخل بين الأقسام ويضمن وضوح المهام.

الشفافية في التقارير: يوفر نظام HCM إمكانية تتبع الأداء وتقديم تقارير تفصيلية عن كل جانب من جوانب العمل، مما يساعد في مراقبة الأداء واتخاذ القرارات الصحيحة.

إدارة المخاطر: من خلال مراقبة الأداء العام للموارد البشرية وتقديم رؤى دقيقة حول الفجوات أو المشاكل، يساعد أنظمة HCM في تقليل المخاطر المرتبطة بالموارد البشرية.

 

التحديات في تطبيق نظام HCM في الحوكمة المؤسسية

رغم الفوائد الكبيرة التي يقدمها نظام HCM في تحسين الحوكمة المؤسسية، إلا أن هناك تحديات كبيرة في تطبيقه على أرض الواقع، من أبرز هذه التحديات:

التكامل مع الأنظمة الأخرى: في العديد من المؤسسات، يكون التكامل بين نظام HCM وبقية أنظمة الأعمال مثل المالية والمحاسبة تحديًا كبيرًا، يتطلب هذا التكامل تقنيات متقدمة وضمان توافق البيانات عبر الأنظمة المختلفة.

تدريب الموظفين: على الرغم من أن أنظمة HCM يوفر واجهات استخدام متقدمة، إلا أن الموظفين قد يواجهون صعوبة في استخدامها بشكل كامل إذا لم يحصلوا على التدريب الكافي.

مقاومة التغيير: مثل أي نظام جديد، قد تواجه المنظمات مقاومة من قبل الموظفين والمديرين الذين اعتادوا على الطرق التقليدية، هذه المقاومة يمكن أن تعرقل عملية تطبيق نظام HCM وبالتالي تؤثر سلبًا على الفوائد التي يمكن أن يحققها في تحسين الحوكمة.

تعد أنظمة HCM أداة استراتيجية هامة في تعزيز الحوكمة المؤسسية من خلال تحسين التنظيم، والشفافية، وتوزيع المسؤوليات، مما يساهم بشكل مباشر في رفع كفاءة الأداء المؤسسي.

 

كيف يحسن نظام HCM من الحوكمة

يساعد نظام HCM في تحسين الحوكمة عبر عدة طرق رئيسية تتعلق بتوزيع الأدوار والمسؤوليات، وضمان الشفافية، وتحقيق الكفاءة في تنفيذ السياسات المؤسسية، ويظهر ذلك في:

تحقيق الشفافية والمساءلة

يوفر نظام HCM منصة مركزية لإدارة بيانات الموظفين، مما يسهل الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالموارد البشرية بشكل شفاف، مما يضمن الشفافية في العمليات ويمنع التلاعب أو المحاباة.

تحسين فعالية العمليات الإدارية

من خلال أتمتة العديد من عمليات الموارد البشرية، مثل التوظيف، التقييم، والرواتب، يساهم نظام HCM في تحسين الكفاءة العامة للمنظمة، هذا يؤدي إلى تقليل الهدر وتحسين إدارة الموارد البشرية بشكل عام، مما يتماشى مع أهداف الحوكمة في تقليل التكاليف وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة.

دعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية

يُعتبر نظام HCM أداة قوية لجمع وتحليل البيانات المتعلقة بالأداء الوظيفي والموارد البشرية، مما يساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن التدريب، الترقيات، وتخطيط القوى العاملة.

توزيع الأدوار والمسؤوليات

يحسن نظام HCM الهيكل التنظيمي من خلال تحديد واضح للأدوار والمسؤوليات عبر مختلف المستويات في المنظمة، كما يُسهم في تنظيم العمليات الإدارية، مثل الترقيات أو المكافآت، بناءً على معايير محددة سلفًا.

إدارة المخاطر المتعلقة بالقوى العاملة

يساعد نظام HCM في تقليل المخاطر المتعلقة بالموارد البشرية، مثل نقص الموظفين المؤهلين أو ارتفاع معدل التوظيف، من خلال رصد الأداء وتقديم تقارير دقيقة حول القوى العاملة، يستطيع المدراء التعامل مع هذه المخاطر بشكل استباقي.

التوافق مع اللوائح والمعايير

يوفر نظام HCM آلية قوية لضمان الامتثال للقوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بالعمل، حيث يعزز النظام التزام المنظمة بقوانين العمل، مثل ساعات العمل، الأجور، والفوائد.

تحقيق أهداف الحوكمة طويلة المدى

من خلال دمج نظام HCM مع استراتيجيات الحوكمة، يمكن للمنظمات ضمان أن أنظمة إدارة الموارد البشرية تتماشى مع أهداف المنظمة طويلة المدى.

باختصار، يمكن لأنظمة HCM أن تحسن الحوكمة المؤسسية من خلال تعزيز الشفافية، وتحسين الكفاءة، وتعزيز المساءلة، ودعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية، كما يُسهم في ضمان الامتثال للأطر القانونية والمعايير الداخلية، مما يضمن تحقيق الاستدامة المؤسسية والنمو المستدام.

 

أدوات أنظمة HCM العالمية ودورها في الحوكمة المؤسسية

تتعدد أدوات أنظمة HCM العالمية التي تقدم خدماتها التي تخدم الحوكمة، ومنها:

إدارة الأداء والتقييم المستمر

توفر أدوات مثل Workday وSuccessFactors تقييمات دورية للأداء ومراجعات مستمرة، هذه الأدوات تساعد في تحديد الأهداف بوضوح، وتقييم الموظفين بشكل دوري، مما يعزز الشفافية والمساءلة، من خلال متابعة الأداء وتحقيق الأهداف المحددة، يتم ضمان التزام الموظفين بالمعايير المؤسسية.

إدارة التعويضات والمزايا

تتيح أدوات مثل Ultimate Software وADP Workforce Now تتبع الرواتب، والمكافآت، والحوافز، ويضمن الامتثال للقوانين المحلية والدولية الخاصة بالرواتب والمزايا، من خلال إدارة التعويضات بشكل شفاف ومتسق، يتم تقليل المخاطر القانونية وتعزيز العدالة داخل المؤسسة.

إدارة الامتثال والمخاطر

تركز أدوات مثل Ceridian Dayforce وPeopleSoft HCM على امتثال القوى العاملة للمعايير القانونية والضريبية، وتسهم في الحفاظ على الامتثال للوائح المحلية والدولية، مما يقلل من المخاطر القانونية والمالية.

التعلم والتطوير

تقدم أدوات مثل Cornerstone OnDemand وLinkedIn Learning برامج تدريبية وتطويرية للموظفين، وتساعد في تطوير مهارات الموظفين وضمان أن لديهم المعارف اللازمة لأداء وظائفهم بشكل فعال.

أما بالنسبة لدوك سويت (DocSuite) هو نظام لإدارة الوثائق والاتصالات الإدارية، كما أنه أداة قوية تساعد المؤسسات في تطبيق الحوكمة المؤسسية، يركز دوك سويت على تحسين إدارة الوثائق والتواصل بين الإدارات من خلال أتمتة العمليات وتحسين تدفق العمل، مما يدعم الحوكمة المؤسسية من خلال عدة طرق:

تحسين الشفافية والمساءلة

من خلال رقمنة الوثائق والاتصالات، يوفر دوك سويت سجلًا دقيقًا لكل مستند ومعاملة يتم التعامل معها داخل المنظمة. هذا يعزز الشفافية في العمليات ويجعل من السهل تتبع المسؤوليات.

إدارة المخاطر والامتثال

يساعد دوك سويت على الامتثال للمعايير القانونية والتنظيمية من خلال أتمتة عملية إدارة الوثائق، تضمن الأداة أن جميع الوثائق والبيانات يتم التعامل معها بطريقة آمنة ومنظمة وفقًا للمعايير المعتمدة.

تحسين الكفاءة التشغيلية

من خلال دمج عملية إدارة الوثائق والاتصالات الإدارية، يمكن للموظفين الوصول بسهولة إلى المعلومات الضرورية وتنفيذ المهام بشكل أسرع وأكثر دقة، وتساهم هذه الكفاءة التشغيلية في تحقيق أهداف الحوكمة المؤسسية.

المزايا: تقليل الوقت والجهد الذي يبذله الموظفون في البحث عن الوثائق والتواصل، مما يحسن أداء المؤسسة بشكل عام.

أتمتة الإجراءات وتقليل الأخطاء

يساعد دوك سويت في أتمتة العديد من العمليات الإدارية مثل التصديق على الوثائق، والمتابعة والتوزيع، هذا يقلل من الأخطاء البشرية التي قد تحدث أثناء هذه العمليات.

المزايا: تسهم الأتمتة في تحسين دقة العمليات وتقليل التكاليف المرتبطة بالأخطاء البشرية.

يساهم نظام HCM في تحقيق أهداف المؤسسة بطريقة أكثر تنظيمًا، مما يساعد في تحقيق أهداف الحوكمة المؤسسية بسهولة وتحقيق نجاح كبير.